مفهوم زرع الأسنان
زرع الأسنان عملية تعويضية لفقد الأسنان أو لجزء من عظام الفكين وهذا التعويض مفهوم حديث ومتطور للصيغة التعويضية السابقة أي أن هذه العملية لها جانب حيوي , لذا فإن عملية الزرع هي تعويض سني فكي بسبب الاستناد المباشر للأسنان على العظم الفكي وهذه الفكرة قدمها العالم كارل ميش .( C.E.MISCH ) ونضجت فكرته في النصف الثاني من القرن الماضي وبدأ يحاضر في مفاهيم الزرع مع منتصف الثمانينات من القرن الماضي.
وللدكتور ميش مبادئ و قواعد شديدة الأهمية حيث لا يمكن الوصول لفكرة متبلورة وواضحة دون الاطلاع الدقيق عليها.
فزمن زرع الأسنان اعتبر نقطة تحول واسعة في مجال طب الأسنان و الصحة الفموية فهذا العلم يتكفل بإعادة تأهيل الفكين وظيفيا و تجميلياً .
إن زرع الأسنان تخطى بشكل واسع التعويضات السنية التقليدية التي بدت عاجزة عن تقديم خدمات فعالة للمرضى مقارنة
بعلمية زرع الأسنان ,لذا لابد من التنويه لضرورة الحفاظ على الأسنان من خلال الرعاية الصحية و العناية الفموية والزيارات المنتظمة لطبيب الأسنان الذي يعمل بأفق منع استمرار وانتشار الإصابات النخرية و اللثوية .
الصيغة التعويضية السابقة 0هي التعويضات المتحركة (مشاكل التعويض المتحرك كثيرة )
-ضعف الثبات و الاستقرار داخل الفم – مما يسبب للمريض المعاناة الألمية و الرضية . و الرضوض المستمرة في كثير من الأحيان توصلنا إلى نتائج ورمية وخيمة
-شعور المريض بتقدم العمر – وما يتلوها من مخاطر نفسية وصراعات مؤلمة لشخصية المريض
-التهدلات الوجهية الناتجة عن فقدان الأسنان وضياع مادي للعظم الفكي (BONE ATROPHY ) فمن المعروف أن سرعة الامتصاص العظمي (Resorption Bone ) تزداد بعد القلع . وان الجهاز المتحرك لا يشبه الأسنان الطبيعية حتى من الناحية المورفولوجية ( الشكلية ) .
-عدم انجاز عملية المضغ بشكل جيد . وما له من انعكاسات على القيمة الغذائية و عملية الهضم
-ان الأجهزة التعويضية المتحركة عاجزة عن نقل القوى المضغية الى العظم الفكي – الأسنان الطبيعية بنقلها لهذه القوى تساهم في عملية البناء العظمي واعادة تشكل العظم و الحفاظ على التروية الدموية للفكين - ان التعويضات المتحركة تسلب الفكين من امكانية التروية الجيدة
-يعد الجهاز بحد ذاته بؤرة انتان بسبب التنخر الذي يصيب مادة الأكريل و تبدو تحت المجهر بشكل الخفان .
وبدراسة للفوعة الأنتانية الحاصلة نراها مشكلة من المكورات العنقودية (STAPHYLOCCAL) التي لها فعاليتها العالية في
التسبب بأمراض المفاصل والتهاب شغاف القلب
والشكل الثاني للتعويضات هو التعويضات الثابتة ومساوئ التعويضات الثابتة هي :
1 – اضعاف الأسنان المجاورة عبر عملية التحضير و ازالة طبقة واسعة من النسج السنية .
2- تحميل غير طبيعي للأسنان المجاورة قوى اطباقية زائدة – لأن الجسر يخضع الى قوى مضغية تتحملها الدعامات السنية فقط وهذا يدفع الأربطة حول السنية الى زيادة سماكتها وهذا يؤدي الى أذية شديدة للعظم الفكي
3- ان الجسر بحد ذاته مأوى انتاني شديد يتطلب عناية فموية خاصة .
يبقى أن أستعرض مفهوم الهدم والبناء العظمي من الناحية الوظيفية – ان البناء العظمي يقوم على جملة عوامل منها الوظيفية .
فالتعارض بين بانيات العظم ( OSTEOBLAST ) و كاسرات العظم و العظم حيث تعمل هاتان الفئتان بشكل متعارض
ان المضغ يؤدي الى تنشيط بانيات العظم ( علما أننا بحاجة شديدة للبانيات لأن العمر العظمي للخلايا العظمية في الفكين هو ثلاث سنوات – المضغ بواسطة الأسنان الطبيعية هو الحل الأمثل , و الأسوء هو المضغ بواسطة الجهاز المتحرك - الأقل سوء هو المضغ بواسطة الجسور ولكن شتان ما بين الأسنان الطبيعية و الجسور أيضا
ماهو دور الزرع السني : حقيقة الأمر ان الزرعات السنية هي الأقرب الى طبيعة الأسنان رغم وجود فوارق مهمة حيث غياب الرباط السني السنخي في الزرعات وهو المولد للخلايا العظمية و الماص للرضوض الأطباقية
وهو ما لا يتوفر في الزرعات ولكن ثبت بشكل نهائي أن العظم المحيط بالزرعات ينمو مماثلا للعظم جوار الأسنان الطبيعية تبعا لنظرية البناء والهدم .
عودة لمفهوم الزرع السني( Implantology) :
الزرع هو ادخال الزرعة ( وهي جسم مشابه لحد كبير لجذر السن .مصنع من مادة التيتانيوم الحيادية من الناحية الحيوية ) في جسم العظم الفكي .
يتلو عملية الزرع فترة من الزمن يتحقق خلالها الشفاء العظمي أي الاندمال العظمي وهي فترة تستمر ثلاثة أشهر بالنسبة للفك السفلي وستة أشهر للفك العلوي كما يجب التنبه أن الفترة المنبه عنها قد تطول عند لزوم اجراء طعوم عظمية
إن عملية زرع الأسنان قد تتطلب في كثير من الأحيان إجراءات جراحية دقيقة وخبرة عالية
مثلا – رفع الجيب الفكي Sinus Lifting)) وتجرى عند نقص العظم في المنطقة العلوية الخلفية أو نقل العصب الفكي السفلي( Nerve Transposition )عند الامتصاص العظمي الشديد على الفك السفلي وكذلك نجري عملية فلع العظم Splitting ) ) بقصد تعريضه مما يؤمن سماكة كافية لاستقبال الزرعة وكما هو معروف أن للزرعة شروط للتوضع في العظم منها السماكات المحيطية .
ولتحقيق تلك الشروط علينا الاستعانة بالمواد المالئة أو الطعوم العظمية (Bone Graft ) منها الصناعية كالألجيبور أو هيدروكسي الأباتيت Hydroxyapatite ) )و الكولاجين Collagen ) ) و كذلك الطعوم الذاتية
ولعل الطعم الذاتي هو الأكثر قدرة على الترميم العظمي .
لأن ردود فعل العضوية تجاه المادة الطعمية هي عبارة عن ارتكاسات مناعية, ففي الطعوم الذاتية لا تظهر أي استجابة مناعية لأن الجهاز المناعي يتعرف على الطعم على أنه متجانس مع بنيته الوراثية أي أنه شخصي .
أما الطعوم المغايرة فان الاستجابة المناعية تثار فتحاول تدمير الطعم العظمي وهي استجابة مناعية خلوية Cell – Mediated Response بواسطة الخلايا T- Lymphocyts
فيمكننا أخذ الطعم من مناطق متعددة داخل الفم أو خارجه ,فمن داخل الفم هناك مناطق مهيأة لمنح كميات عظمية جيدة كما هي الحال الذقن ( CHIN ) أو الشوك الأنفي أو أي منطقة يمكن الأخذ منها دون التأثير على حيوية المنطقة . ومن خارج الفم لدينا مناطق متعددة
منطقة الكتف -منطقة الحوض العظمي - والبعض يستعين بعظام الجمجمة
نقوم على الأرجح بخلط الطعوم متعددة المنشأ – الذاتي منها و الصناعي لترميم محيط الزرعة
إن مرور عام على الزرعة وهي بحالة وظيفية جيدة حيث لا أعراض ألمية أو حركة في الزرعة
بالإضافة للسلامة الشعاعية يعني ذلك نجاح عملية الزرع .
يجب على مريض الزرع الانتباه لمسائل صحية شديدة الأهمية
-الأمراض العامة – وعلى غير القناعات السابقة يمكن لأي حالة مرضية الزرع ولعل المشكلة الرئيسية هي داء السكري و اليوم رغم المعاناة وصعوبة الأمر ولكن عند إمكانية ضبط السكر
يمكننا الزرع وعلى مريض الزرع أن يتمتع بشفافية تجاه أي إصابة صحية وإعلام الاختصاصي في زرع الأسنان حول وضعه الصحي
-لعل المشكلة الكبرى هو داخل فموية – فمن مستوى العناية الفموية إلى الصرير السني الذي يعتبر الإعاقة الأكبر أمام الزرع .
-إن صرير الأسنان الناتج عن إشكالات عصبية و ضغوط حياتية يسبب فشلا للزرع بسبب
تطبيق رضوض أثناء مرحلة الشفاء العظمي مما يسمح للنسج البشروية بمهاجمة سطح الزرعة وإعاقة الأندخال العظمي .
الأمر الذي يمنع البناء العظمي المجاور للزرعة مباشرة بشكل سوي , والذي يحدث أن تحل النسج الرخوة مكان العظم المجاور وهذا هو فشل الاندمال العظمي وبالتالي فشل الزرع.
ان استعراض مفاهيم الزرع بتفاصيلها العلمية بحاجة الى متسع من الوقت والمزيد من المساحة
ولكن محاولة الأختصار عسى أن تكون نافعة .
ان عملية التعويض بواسطة الزرع السني والعظمي هي محاولة جريئة و قوية تتناسب و الصيغة الطبيعية للأسنان لأن هذا التعويض يفعل العضوية وينشط الدورة الدموية للثة والعظم الفكي ويساهم في الحفاظ على البنية العظمية و اعادة تشكلها بالفعل الوظيفي.
وعلينا أن نعي أن الوصول لمرحلة الزرع يجب ألا يكون سهلآ على فقد الأسنان .
لذلك يجب الدوام على النظافة و العقامة الفموية من خلال التفريش المنتظم والدائم واستخدام المعقمات الفموية .
و المسارعة الى علاج النخور السنية و الآفات التي تصيب اللثة و تسوية المشاكل الأطباقية بالسرعة اللازمة .